فصل: باب العبد يعتق بعضه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


كتاب العتق

‏(‏قوله‏:‏ لأن أهل اللغة لم يقولوا إلخ‏)‏ قال في النهر وفي المبسوط وعليه جرى كثير أنه لغة القوة وأنت خبير بأن ما ادعاه في البحر يعد أن الناقل ثقة لا يلتفت إليه على أن في كلامهم ما يفيده وذلك أنهم قالوا الرق في اللغة الضعف ومنه ثوب رقيق وصوت رقيق، ولا شك أن العتق إزالة الضعف وإزالته تستلزم القوة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويرد على المصنف إعتاق عبد الغير إلخ‏)‏ قال في النهر لا يرد؛ لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، ومعلوم أن الوكيل فيه سفير محض‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف طلاقك على واجب إلى قوله وقوعه‏)‏ قال الرملي فيه نظر أولا بالمنع إذ هو واجب عند عدم الإمساك بالمعروف، وثانيا بالتسليم، ولكن لا يلزم من وجوبه وجوده في الخارج، وقد قدم صاحب الظهيرية في الفصل الثاني من كتاب الطلاق قوله لو قال طلاقك علي لا يقع، ولو قال إن فعلت كذا فطلاقك علي واجب أو لازم أو ثابت أو فرض ففعل، تكلموا فيه منهم من قال تقع تطليقة رجعية نوى أو أو لم ينو، ومنهم من قال لا يقع وإن نوى، ومنهم من قال في قول أبي حنيفة يقع وفي قولهما يقع في قوله لازم وفي قوله واجب لا يقع والمختار أنه يقع نص عليه الصدر الشهيد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي المجتبى قال لعبده أنت أعتق مني‏)‏ كذا في بعض النسخ وهو كذلك في المجتبى فيما رأيته وفي بعض النسخ من فلان‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال أنت عتيق فلان يعتق إلخ‏)‏ قال في النهر كان وجهه أنه في الأول اعتراف بالقنة الحاصلة بالعتق فيه وفي الثاني إنما أخبر بأن فلانا أوجد الصيغة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يكون إنكاره المال إقرارا بالعتق‏)‏ على حذف همزة الاستفهام من يكون أي أيكون وقوله‏:‏ قال إن قال إلخ جوابه وفي شرح المقدسي وجهه أن لم لنفي الماضي فشمل وقت كلامه وليس لنفي الحال وإنكار المال في الحال لا يلزم إنكاره في الماضي لجواز أنه أوفاه بعد ذلك الوقت‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا الفرج والرأس‏)‏ ذكره في المجتبى برمز آخر غير رمز ما قبله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لم يعتق في القضاء؛ لأنه عدول‏)‏ كذا في النسخ وهو تحريف بزيادة لم أو الأصل لم يصدقا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا يحتاج إلى نية‏)‏ الظاهر أن لا زائدة والصواب تحتاج إلى نية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهره أنه يكون حرا ظاهرا إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ علل في المحيط أنت غير مملوك بأن نفي الملك ليس صريحا في العتق بل يحتمله ا هـ‏.‏ وإذا لم ينوه لا يعتق وبقي إقراره لكونه غير مملوك أصلا فترتب عليه ما ذكر وعندي أن هذه المسألة مغايرة لمسألة الكتاب وذلك أنه في مسألة الكتاب إنما أقر بأنه لا ملك له فيه وهذا لا ينافي ملكه لغيره، ومسألة الخلاصة موضوعها إقراره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه له أو لحريته الأصلية فتنبه لهذا وإنه مهم ا هـ‏.‏ وتعقبه بعض الفضلاء فقال الذي يظهر بأدنى تأمل أن الحق مع صاحب البحر فإن الفرق الذي أبداه في النهر غير مؤثر فإنه إذا نفى ملكه عنه وليس هناك من يدعيه ساوى من قيل له أنت غير مملوك ويدل لما قلنا تسوية صاحب الخلاصة بين قوله أنت غير مملوك وبين قوله ليس هذا بعبدي فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ثم إن كان هذا دخل في الوجود إلخ‏)‏ أي بأن كان أمرا موجودا في نفس الأمر وهذا عند عدم النية أما إذا نوى بهذا الكلام العتق وهو صالح له فإنه يعتق قضاء وديانة كما لا يخفى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويستثنى من كنايات الطلاق أمرك بيدك أو اختاري إلخ‏)‏ أقول‏:‏ هذا مخالف لما في الذخيرة حيث قال الفصل التاسع في المتفرقات قال محمد في الأصل إذا قال الرجل لأمته أمرك بيدك ينوي به العتق يصير العتق في يدها حتى لو أعتقت نفسها في المجلس جاز، ولو قال لها اختاري ينوي العتق لا يصير العتق في يدها فقد فرق بين الأمر باليد وبين قوله اختاري في باب العتق وسوى بينهما في الطلاق ا هـ‏.‏ ومثله في التتارخانية وكذا صرح في فتح القدير بأنه لو قال لها اختاري فاختارت نفسها لا يثبت العتق وإن نواه وكذا صرح بذلك في كافي الحاكم فما في الأصل والكافي هو نص المذهب فيقدم على ما هنا فافهم

‏(‏قوله‏:‏ ثم قال المسلم إذا دخل دار الحرب إلخ‏)‏ مقتضاه أنه في الاستحسان يعتق عند الكل، وقد مر قريبا أنه لو أعتق المسلم عبده في دار الحرب لا يعتق خلافا لأبي يوسف وجمع بينهما في الفتح بأن يراد بالمسلم ثمة الذي نشأ في دار الحرب وهنا نص على أنه داخل هناك بعد أن كان هنا فلذا لم ينقطع عنه أحكام الإسلام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فيحتاج إلى جواب‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ لا يلزم من كون الشيء ملكا كونه مملوكا مطلقا قال في البدائع وهل يدخل تحت اسم المملوك إن كانت أمة في ملكه دخل وإن كان في ملكه الحمل فقط بأن كان موصى له به لا يعتق؛ لأنه لا يسمى مملوكا على الإطلاق؛ لأن في وجوده خطرا ولهذا لا يجب على المولى صدقة فطره ا هـ‏.‏ وفي شرح المقدسي أقول‏:‏ الجواب أن الملك الثابت هنا إنما هو في ضمن ثبوت العتق المحكوم بثبوته شرعا لضرورة دفع الذل عن القريب قرابة قوية ويغتفر في الضمنيات ما لا يغتفر في القصديات بخلاف قوله كل مملوك لي حر فإنه قصدي مطلق فيقتضي صفة الكمال فاحتاج إلى الملك المطلق ولم يكن فيه مطلق الملك ألا ترى أنه لا يدخل فيه البعض المملوك ويدخل في ملك القريب فيعتق، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي أن يقال إن ولدته إلخ‏)‏ لأنه قد يكون الضرب بعد العتق لأقل من ستة أشهر ويتأخر إلقاء الجنين إلى تمامها أو أكثر بحيث يعلم أن ذلك الإلقاء من الضرب تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر ما في المحيط أنه شرط إلخ‏)‏ قال في النهر للبحث فيه مجال

‏(‏قوله‏:‏ فأعتق الورثة ما في بطن الجارية‏)‏ كذا رأيته في الظهيرية وفي كافي الحاكم فأعتق الوارث الأمة فهو جائز وولاؤها وولاء ما في بطنها له وهو ضامن لقيمة ما في بطنها يوم تلد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا يعتبر جانب الأم في البهائم‏)‏ قال الرملي هذا منقوض بالشاة إذا نزا عليها كلب فولدت فإنه لا تجوز التضحية به عند عامة العلماء كما ذكره في البزازية وغيرها ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في الوهبانية وإن ينز كلب فوق عنز فجاءها نتاج له رأس الكلاب فينظر فإن أكلت لحما فكلب جميعها وإن أكلت تبنا فذا الرأس يبتر ويؤكل باقيها وإن أكلت لذا وذا فاضربنها فالصياح يخبر وإن أشكلت فاذبح فإن كرشها بدا فعنز وإلا فهي كلب فيطمر قال شارحها الشرنبلالي‏:‏ المسألة من الظهيرية كلب نزا على عنز فولدت ولدا رأسه رأس كلب وباقيه يشبه العنز قالوا يقدم إليه العلف واللحم فإن تناول العلف دون اللحم ترمى رأسه بعد الذبح ويؤكل ما سواها وإن تناولهما جميعا يضرب فإن نبح لا يؤكل وإن ثغى ترمى رأسه ويؤكل غيرها فإن ثغى ونبح ذبح فإن وجد له كرش أكل ما سوى الرأس وإن وجد له أمعاء لا يؤكل؛ لأنه كلب وعن الجامع الصغير لو نزا حمار على حمارة وحشية فولدت تبع أمه فيؤكل؛ لأن للولد حكم أمه في الحل والحرمة وفي جوامع الفقه والولوالجية الاعتبار في المتولد للأم في الأضحية والحل، وقيل يعتبر بنفسه فيهما حتى إذا نزا ظبي على شاة أهلية فإن ولدت شاة تجوز التضحية بها وإن ولدت ظبيا لم تجز، ولو ولدت الرمكة حمارا لم يجز ولم يؤكل وفي الخلاصة في الأضحية المتولدة بين الكلب والشاة قال عامة العلماء لا يجوز وقال الإمام الجرجاني إن كان يشبه الأم يجوز ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقدمناه أيضا عن الظهيرية‏)‏ أي قدم ما نقله عن جامع الفصولين وقدم ذلك قبل ورقة‏.‏

باب العبد يعتق بعضه

‏(‏قوله فالحق أن الخيارات خمسة‏)‏ بل ستة بزيادة الصلح المذكور عن البدائع آنفا

‏(‏قوله‏:‏ ومات قبل البيان أو الذكر‏)‏ الأول راجع إلى قوله لا بعينه والثاني إلى قوله أو بعينه ونسيه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويتأتى التفريع فيه إلخ‏)‏ قال في الفتح بعد قول الهداية في مسألة المتن وسعى لهما في النصف ما نصه‏:‏ وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف على تفصيل يقتضيه مذهب أبي يوسف فإنه إنما يسعى في النصف لهما إذا كانا معسرين فلو كان أحدهما موسرا يسعى في الربع للموسر، ولو كانا موسرين لا يسعى لأحد وإليه أشار المصنف بعد هذا بقوله ويتأتى التفريع فيه على أن اليسار يمنع السعاية أي لا يمنعها على الاختلاف الذي سبق فإنما جمع بينه وبين قول أبي حنيفة في أنه لا يجب إلا النصف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن هذا النوع إلخ‏)‏ مفرع على قول الصاحبين بعدم تجزي العتق تأمل

‏(‏قوله‏:‏ قال لكل واحد لم أعنك عتقا‏)‏ لأن قوله للأول لم أعن هذا إقرار منه بوقوع العتق على الثاني وقوله للآخر بعد ذلك لم أعن هذا إقرار منه بوقوع العتق على الأول فعتقا جميعا وهكذا في الطلاق كذا في الخانية وسيذكر المؤلف المسألة معللة عن الاختيار عند قوله والبيع والموت والتحرير إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويؤمر بالبيان؛ لأن المقضي عليه معلوم‏)‏ قال المقدسي في شرحه قلت‏:‏ وقد أشكل علي ذلك فإن العتق نازل في المعين دون المنكر فيجب أن لا يكون البيان للمشتري إذ الإجمال ليس من جهته فينبغي أن يمنع من التصرف فيهما إلى أن يبرهن أحدهما على عتقه كما لو أعتق أحد عبديه ثم نسيه، ثم وجدت الإشكال في التحفة وأجاب بأن العتق حال وقوعه لم يدر محله فكان كإعتاق المنكر بخلاف ما إذا أعتق عبدا ثم نسيه؛ لأن العتق نزل في المعلوم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فللمدبر تضمين المعتق ثلثه مدبرا‏)‏ كذا في النسخ ومثله في النهر والصواب إبدال الثلث بالنصف كما هو ظاهر، وقد نبه على ذلك أيضا أبو السعود محشي مسكين فقال الصواب أن يقال للمدبر أن يضمن المعتق نصفه مدبرا وثلثه قنا، وقوله ولو كان حرره يشهد إلخ يشهد للتصويب‏.‏

‏(‏قوله فعتق منه الربع بالثاني‏)‏ أي عتق من العبد الثابت ربعه بالإيجاب الثاني والنصف بالإيجاب الأول فتمت له ثلاثة الأرباع على الوجهين

‏(‏قوله‏:‏ فإن عنى به الخارج عتق الخارج بالإيجاب الأول وبقي الإيجاب الثاني بين الداخل والثابت فيؤمر بالبيان‏)‏ كذا في النسخ وعبارة الفتح فإن عنى به الخارج عتق الثابت أيضا بالإيجاب الثاني ا هـ‏.‏ ومثله في المعراج والتتارخانية وغرر الأفكار والعناية وهذا ظاهر، ثم راجعت البدائع فوجدت ما ذكره المؤلف هو عبارتها بحروفها وهو مشكل فإن الموت بيان فموت الداخل يقتضي تعين الثابت بالإيجاب الثاني ومن العجب ما كتبه الرملي حيث قال قوله فيؤمر بالبيان وذلك؛ لأن موت الداخل بيان للإيجاب الثاني فقط فبقي الأول منهما على حاله‏.‏ ا هـ‏.‏ فإنه غير ملاق لما كتب عليه نعم هو ظاهر على ما نقله عن الفتح وغيره ولعل نسخته موافقة لذلك

‏(‏قوله‏:‏ وأما الأحكام‏)‏ معطوف على قوله أما كيفيته وهذا هو الموضع الثاني، وقد جعله في البدائع نوعين نوع يتعلق به في حال حياة المولى ونوع يتعلق به بعد وفاته، ثم قال أما الأول فنقول للمولى إلخ وكان ينبغي للمؤلف أن يفعل كذلك؛ لأنه سيأتي يقول وأما الحكم بعد موت المولى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذا يدل على أنه غير واقع‏)‏ لأنه لا سبيل إلى استخدام الحر من غير رضاه وقوله ويستغلهما أي يستكسبهما وتكون الغلة والكسب للمولى قال في البدائع وهذا أيضا يدل على ما قلنا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإنما لم تجب دية إلخ‏)‏ قال في البدائع وإيجاب القيمتين دون قيمة ودية على قول من يقول إن العتق غير نازل ظاهر؛ لأن كل واحد منهما قتل عبدا خطأ وأنه يوجب القيمة‏.‏ وأما على قول من يقول بنزول العتق فإنما لم تجب الدية؛ لأن من تجب الدية عليه منهما مجهول إذ لا يعلم من الذي تجب عليه منهما فلا يمكن إيجاب الدية مع الشك، والقيمة متيقنة فتجب بخلاف ما إذا كان القاتل واحدا؛ لأن هناك من عليه معلوم إنما الجهالة فيمن له وأما انقسام القيمتين؛ لأن المستحق لأحد البدلين هو المولى والمستحق للبدل الآخر هو الوارث وكل واحد منهما يستحق في حال ولا يستحق فوجوب أحد القيمتين حجة أحد القولين وانقسامهما حجة القول الآخر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وعلى الثاني الدية للورثة‏)‏ قال في البدائع؛ لأن قتل الأول أوجب تعين الثاني للحرية والأول للرق‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لشيوع العتق بموته‏)‏ قال في البدائع فيعتق من كل واحد منهما نصفه ومعتق البعض لا يحتمل التمليك من الغير‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لشيوع الحرية فيهما‏)‏ قال في البدائع‏:‏ لأنه لما مات المولى شاعت الحرية وعتق من كل واحد منهما نصفه فتعذر التملك وفيه، ولو أسر أهل الحرب أحدهما لم يملكوه؛ لأن أحدهما حر وثبت له حق الحرية بخلاف ما إذا باع أحدهما؛ لأن بيعه إياه اختيار منه للملك فقد باع ملكه باختياره فصح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عتق الآخر‏)‏ قال في البدائع‏:‏ لأن أخذه إياه إعادة له إلى قديم ملكه فيتعين الآخر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وله ثلاثة عتقوا‏)‏ قال في البدائع كما لو قال ابتداء أحد عبيدي حر وليس له إلا عبد واحد؛ لأن لفظة أحد لا تقتضي آحادا ألا ترى أن الله تعالى موصوف أنه أحد ولا مثل له ولا شريك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ثم باللفظ الثالث جمع بين عبد وحرين‏)‏ هكذا رأيته في البدائع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن لم يكن له مال غيره إلخ‏)‏ لم يذكر مقابل قوله والقول في الصحة وفي البدائع هذا كله إذا كان القول في الصحة فإن كان في المرض يعتبر ذلك من الثلث‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأما الحكم بعد موت المولى‏)‏ هذا هو النوع الثاني من نوعي الأحكام المذكورين في البدائع كما نبهنا عليه سابقا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والخيار لا يورث‏)‏ أي فلا يقوم الوارث فيه مقامه قال في البدائع‏:‏ ثم فرقا بين هذا الخيار وبين خيار التعيين في باب البيع فإن الوارث هناك يقوم مقام المورث في البيان أن هناك ملك المشتري أحد العبدين مجهولا فمتى جرى الإرث يثبت ولاية التعيين أما ها هنا فأحدهما حر أو استحق الحرية وذلك يمنع جريان الإرث في أحدهما‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لشيوع العتق‏)‏ علة لقوله يعتق‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ توقف على النية‏)‏ هذا قولهما وعبارة البدائع فإن عبده يعتق في قول أبي حنيفة نوى أو لم ينو وقال أبو يوسف ومحمد لا يعتق إلا بالنية

‏(‏قوله‏:‏ وإن ادعى كل‏)‏ أي ادعى كل واحد من العبدين أنه الحر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن حلف المولى للأول إلخ‏)‏ عبارة البدائع بعد قوله باليمين هكذا وما ذكرنا من رواية ابن سماعة عن محمد في الطلاق يكون ذلك رواية في العتاق وهو أنهما إذا استحلفا فحلف المولى للأول يعتق الذي لم يحلف له؛ لأنه لما حلف للأول والله ما أعتقه فقد أقر برقيته فيتعين الآخر للحرية كما إذا قال ابتداء لأحدهما عينا هذا عبد وإن لم يحلف له عتق؛ لأنه بدل له الحرية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عند الإمام‏)‏ قال في البدائع‏:‏ لأن العتق غير نازل في إحداهما فكانت كل واحدة منهما حلال الوطء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالأحسن أن لا يطأ الباقيات إلخ‏)‏ ذكر في البدائع عند قوله يمنع عن وطئهن واستخدامهن الذي قدمه المؤلف آنفا ما نصه؛ لأن واحدة منهن حرة بيقين وكل واحدة يحتمل أن تكون هي الحرة ووطء الحرة من غير نكاح حرام فيمنع من ذلك صيانة له عن الحرام ولا يجوز أن يطأ واحدة منهن بالتحري تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف الجهالة الأصلية‏)‏ أي إذا ماتت واحدة منهن فإن الميتة لا تتعين للحرية؛ لأن الحرية هناك غير نازلة في إحداهن وإنما تنزل عند وجود الشرط وهو الاختيار مقصورا عليه والمحل ليس بقابل للحرية وقت الاختيار وفي هذا النوع من البيان إظهار وتعيين لمن نزلت فيه الحرية من الأصل فلم تكن الحياة شرطا كذا في البدائع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ينبغي أن لا يكون بيانا إلخ‏)‏ قال بعض الفضلاء فيه إجمال والتفصيل أن يقال إن كان الطلاق المبهم رجعيا لا يكون طلاق المعينة بيانا رجعيا كان أو بائنا وإن كان بائنا فإن كان طلاق المعينة رجعيا فكذلك وإن كان بائنا كان بيانا لما علم من أن البائن لا يلحق البائن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ما يعلم أنها ولدت الجارية أو لا‏)‏ كذا في عامة النسخ وهكذا رأيته في الفتح وفي بعض النسخ مصلحا بإبدال الجارية بالغلام وهو ظاهر

‏(‏قوله‏:‏ ولا شك أن الولادة مما يمكن الاطلاع عليها‏)‏ قال في النهر لا يخفى أنه ليس المراد بالولادة مطلقها بل التي الكلام فيها وهو كون الغلام أولا وهذا مع ولادتهما في حمل واحد مما يخفى غالبا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالحاصل أن الشرط إذا كان مركبا إلخ‏)‏ تتوقف صحة هذا التعميم على صحة هذا الحكم في قوله لعبده إن دخلت الدار قبل زيد فأنت حر، ووجد الدخول ولم تدر القبلية فإن مقتضى ما ذكره اعتبار الأحوال مع أن الرق ثابت بيقين ووقع الشك في زواله لعدم العلم بوقوع الجزء الآخر تأمل‏.‏

‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو استثناء منقطع إلخ‏)‏ قال في النهر استثناء متصل يعني لغت الشهادة في كل الأحوال إلا في هاتين الحالتين وما في البحر من أنه منقطع ففيه نظر لا يخفى ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه نظر لا يخفى فإنه وإن صح في الأولى لا يصح في الثانية

‏(‏قوله‏:‏ إذ يلزم مثله في كل دعوى إلخ‏)‏ قال في النهر لزوم مثله في كل دعوى ممنوع إذ الكلام في ثبوت صحة الدعوى عليه وهو كون المدعي خصما معلوما كما اعترف به وهو موقوف على الشهادة ولا وجود لهذا المعنى في كل دعوى نعم يمكن أن يقال لا نسلم توقف الشيوع على ثبوت قوله أحدهما بل على صدوره منه فإذا ادعياه أو أحدهما فقد ادعى كل واحد أنه عتق نصفه فإذا برهن على ذلك قبل برهانه ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏

باب الحلف بالدخول

‏(‏قوله‏:‏ لأنه لو قال كل مملوك لي حر وله جارية إلخ‏)‏ قال في النهر وأنت خبير بأن هذا لا يرد على إطلاق المصنف بعد أن الحمل إنما عتق تبعا لا بتناول اللفظ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبه علم أن ما في المجتبى إلخ‏)‏ أقول‏:‏ الذي رأيته في المجتبى ولا يدخل العبد المشترك والعبد الموهوب والمأذون في التجارة يعتق ا هـ‏.‏ فقوله والعبد الموهوب بالواو والباء آخره من الهبة لا المرهون من الرهن وهذا لا يخالف ما هنا، وقوله والمأذون في التجارة يعتق موافق لما هنا أيضا فالظاهر أن نسخة المجتبى التي وقف عليها المؤلف محرفة‏.‏

باب العتق على جعل

‏(‏قوله‏:‏ ولا يؤدي منه عنه ويعتق‏)‏ كذا في الفتح، والظاهر أنه يقرأ ‏"‏ ويعتق ‏"‏ بالنصب بأن مضمرة بعد الواو وفي جواب النفي تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر أنه لا موقع لها إلخ‏)‏ هذا من كلام الفتح قال بعض الفضلاء ويمكن أن يجاب بأنه يكفي في الفرق عتق المكاتب إذا قال له مولاه‏:‏ أبرأتك عن بدل الكتابة لصحة الإبراء عنه؛ لأنه دين وعدم عتق المعلق عتقه على الأداء إذا أبرأه مولاه لعدم صحة الإبراء

‏(‏قوله‏:‏ السادسة‏:‏ لو باع إلخ‏)‏ أورد عليه بعض الفضلاء نظير ما أورد على الخامسة فإن المكاتب لا يتحقق بيعه

‏(‏قوله‏:‏ عند أبي يوسف نعم‏)‏ قال في الفتح وهو عندي أوجه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي المحيط لو أمر غيره إلخ‏)‏ سيذكر المؤلف بعد ورقة عن البدائع ما يخالفه مع التوفيق بينهما

‏(‏قوله‏:‏ وفي الذخيرة إذا قال إلخ‏)‏ ينبغي أن يقول بعده وهي الخامسة عشرة إذ لو كان مكاتبا لا يرجع المقرض على المولى بشيء؛ لأن المكاتب حر يدا

‏(‏قوله‏:‏ سواء كان الجواب بالواو إلخ‏)‏ قال السيد أبو السعود يشكل بما ذكره قاضي خان أول باب التعليق من كتاب الطلاق لو قال لعبده أد إلي ألفا وأنت حر كان تعليقا ا هـ‏.‏ وهذا الكلام منشؤه الغفلة عما يذكره المؤلف بعد أربعة أسطر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو حلف المولى أنه لم يقبض من فلان ألفا لا يحنث‏)‏؛ لأن القاضي لم يحكم بقبضه فلا تعد هذه التخلية قبضا بخلاف المسألة الآتية عقب هذا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ليس بصحيح إذ لا فرق إلخ‏)‏ سيأتي جوابه عن المقدسي

‏(‏قوله‏:‏ وقد بحث فيه المحقق إلخ‏)‏ أي بحث في فرع التدبير وذلك بعد أن نقل عن النهاية الفرق بينه وبين مسألة الكتاب بأنه قابل الألف في التدبير بحق الحرية وهو متحقق قبل الموت، وفي تلك قابلها بحقيقة الحرية، وحقيقتها بعد الموت، فالقبول بعده وحاصل بحث المحقق أن التدبير ليس معناه إلا إعتاق مضاف إلى ما بعد الموت وذلك هو الثابت في كل من قوله أنت مدبر، أو أنت حر بعد موتي بلا فرق بل المعنى واحد دل عليه بلفظ مفرد ومركب كلفظ الحد والمحدود في إنسان وحيوان ناطق، ثم يثبت حق الحرية فرعا على صحة الإضافة التي هي التدبير لا أن حق الحرية هو معنى التدبير ابتداء فلم يتحقق الفرق‏.‏ وأجاب المقدسي بأنه لما صار حق الحرية حكما شرعيا له صح أن يطلق ويراد به حكمه كما في كثير من المعاني الشرعية كما ذكر هو أن البيع يطلق ويراد به الملك فتأمل وكذا في قوله أنت حر على ألف بعد موتي قابلها بحقيقة الحرية فاحتاج إلى القبول حالا، ثم أضافها إلى ما بعد الموت فقول بعض المتأخرين هنا إن قول الزيلعي والخانية إن القبول فيه للحال غير صحيح إذ لا فرق بينه وبين مسألة الكتاب إن اعتمد في ذلك على غاية البيان فيقال‏:‏ لم لم يعكس ويقول‏:‏ إن ما فيها غير صحيح لما في الكافي وغيره لا سيما وقد نقل عنه الإجماع وخطأه فيه ا هـ‏.‏ كلام المقدسي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو قال لجاريته إلخ‏)‏ عبارة الذخيرة هكذا‏:‏ رجل قال لأمته‏:‏ أنت حرة على أن تخدمني فلانة فقبلت فهي حرة وعليها أن ترد قيمتها؛ لأن الخدمة مجهولة ولو قال على أن تخدمني فلانة شهرا فإن أبا يوسف قال‏:‏ ترد قيمتها وقال محمد‏:‏ ترد قيمتها شهرا وفيه أيضا بشر عن أبي يوسف رجل قال لعبده أنت حر على أن تخدم فلانا سنة فالقبول إلى فلان فإن قبل عتق، وإن لم يخدمه رد العبد قيمته ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي أن يشتغل بالاكتساب إلخ‏)‏ أقره عليه في النهر وقال في المنح‏:‏ ويمكن أن يقال بوجوبها على المولى في المدة المذكورة ويجعل كالموصى له بالخدمة فإن النفقة واجبة عليه، وإن لم يكن له ملك الرقبة لكونه محبوسا بخدمته، والحبس هو الأصل في هذا الباب أصله القاضي والمفتي فإن مرض فينبغي أن تفرض نفقته في بيت المال بخلاف الموصى بخدمته إذا مرض فإن نفقته على مولاه ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء‏:‏ والذي يظهر ما في البحر وقياسه في المنح على الموصى له قياس مع الفارق فإن الموصى به يخدم الموصى له لا في مقابلة شيء فلذلك كانت نفقته عليه أما هذا فإنه يخدم في مقابلة رقبته فكان كالمستأجر تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه طلب منه تمليك العبد مقتضى الإعتاق إلخ‏)‏ ‏"‏ مقتضى ‏"‏ بدل من ‏"‏ تمليك ‏"‏ وهو بضم الميم وفتح الضاد اسم مفعول كما رأيته في الولوالجية والذي في النسخ يقتضي بصيغة المضارع وهو تحريف، وقوله بتمليك الجارية متعلق بطلب‏.‏

باب التدبير

‏(‏قوله‏:‏ فإنه يعتق بعد موته‏)‏ ظاهره أنه يعتق كله مع أنه صرح في الفتح فيما لو أوصى لعبده بثلث ماله أنه يعتق ثلثه ولعل ما هنا مبني على قول أبي يوسف بعدم تجزي التدبير تأمل ورأيت في وصايا خزانة الأكمل أوصى لعبده بدراهم مسماة، أو بشيء من الأشياء لم يجز ولو أوصى له ببعض رقبته عتق ذلك القدر ويسعى في الباقي عند أبي حنيفة ولو وهب له رقبته، أو تصدق عليه بها عتق من ثلثه ولو أوصى له بثلث ماله صح وعتق ثلثه فإن بقي من الثلث أكمل له، وإن كان في قيمته فضل على الثلث سعى للورثة ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ فإن بقي من الثلث أكمل له إلخ معناه والله أعلم أنه يستحق ثلث المال ومنه ثلث رقبته وعليه ثلثا رقبته فإن كان ثلثاها أقل من ثلث باقي المال أكمل له تتمة الثلث، وإن كان ثلثاها أكثر يسعى للورثة فيما زاد فيكمل له ثلث المال فقط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولم يصرح إلخ‏)‏ كيف تكون مدبرة مطلقا مع تصريحه بجوار بيعها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وليس بصحيح‏)‏ أجيب بأن المدبر يطلق على المذكر والمؤنث كلفظ المملوك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ حتى لو قتله المدبر‏)‏ كذا في النسخ وهو تحريف وصوابه حذف الضمير من قتله والمدبر اسم فاعل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ مع أنه نقل قبله إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ ولعل الفرق هو أن التدبير الآن بخلاف الوصية فإنها بعد الموت وله الرجوع قبله فلا إتلاف فيها

‏(‏قوله‏:‏ اعلم أن المدبر في زمن سعايته إلخ‏)‏ قال العلامة الشرنبلالي في رسالته إيقاظ ذوي الدراية لوصف من كلف السعاية بعد نقله لكلام المؤلف هنا أقول‏:‏ قد صدرت تلك العبارات وهي مخالفة لنص الإمام، وإن ورد مثلها مسندا للإمام فاختلف النقل عنه ولم تحرره الأعلام والمقرر أن الخلاف بين الإمام وصاحبيه في تجزي الإعتاق وحصول العتق وعدمه فيمن أعتق بعضه لا فيمن أعتق كله منجزا، أو معلقا على شرط فوجد في مرض، أو صحة، وسعايته بعده سعاية حر مديون كالمدبر إذا لم يخرج من الثلث قال في السراج المستسعى عند أبي حنيفة على ضربين؛ كل من يسعى في تخليص رقبته فهو كالمكاتب وكل من يسعى في بدل رقبته الذي لزم بالعتق، أو في قيمة رقبته لأجل بدل شرط عليه، أو لدين ثبت في رقبته فهو كالحر ا هـ‏.‏ ولا شك أن المدبر قد عتق كله بموت المولى فهو، وإن سعى يسعى وهو حر فلم يكن كالمكاتب وما في المجمع قد يقال إنه مفرع على ما قيل إن المستسعى كالمكاتب وليس على عمومه لما علمت فموجب جنايته على عاقلة مولاه للنص على حريته بمجرد موت سيده وما عزي إلى البزازية لم أره فيها وعبارتها‏:‏ لا تقبل شهادة المدبر انتهت، ووصفه بالمدبر حقيقة إنما هو في حياة سيده أما بعدها فهو حر مقبول الشهادة نعم قال في فصول العمادي، وتهذيب الخاصي‏:‏ المريض إذا أعتق عبدا في مرض موته ولا مال له سواه فعتقه موقوف عند أبي حنيفة حتى إذا شهد لا تقبل؛ لأنه من التصرفات التي لا تحتمل الفسخ بعد النفاذ فتوقف ا هـ‏.‏ وهو أيضا مأخوذ من التشبيه ويعارضه ما مر عن الإمام من تقسيم المستسعى إلى قسمين، ولئن صح نقله عن الإمام فالوجه النقل الموافق لنص الشارع ولتعريف التدبير قال ابن الهمام‏:‏ التدبير شرعا العتق الموقع بعد الموت في المملوك معلقا بالموت مطلقا لفظا أو معنى ا هـ‏.‏ والمعلق ينزل بوجود شرطه كملا، وروى ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن‏:‏ «المدبر لا يباع ولا يوهب ولا يورث وهو حر من الثلث» وقال الزيلعي المدبر تعلق عتقه بنفس الموت أي موت سيده فلا يشترط فيه إعتاق أحد ثم قال وبموت المولى يعتق من ثلث ماله، وإنما يسعى إذا لم يكن له مال غيره؛ لأنه وصية ومحلها الثلث ولم يسلم له شيء إلا إذا سلم للورثة ضعفه والدين مقدم على الوصية ولا يمكن نقض العتق فيجب نقضه معنى برد قيمته يعني لدين يستغرق ويرد ثلثي قيمته للورثة إن لم يكن دين فهذا تصريح بحريته بمجرد موت المولى فقوله‏:‏ في الاختيار يعتق منه بقدره المراد سقوط السعاية عنه بقدر الثلث لا تجزي عتقه، وكذا قوله‏:‏ في المحيط يعتق ثلثه ويسعى في ثلثيه ا هـ‏.‏ ما في الرسالة ملخصا، ثم قال في آخرها‏:‏ فتلخص أن المدبر إذا لم يخرج من الثلث يسعى وهو حر، وأحكامه أحكام الأحرار وكذا المعتق في مرض الموت والمعتق على مال، أو خدمة قال الحموي في حواشي الأشباه وهو تحقيق بالقبول حقيق يعض عليه بالنواجذ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد ذكر المصنف أن من هذا النوع إلخ‏)‏ قال المقدسي‏:‏ لم ينص المصنف ولا أصله على كونه مدبرا مقيدا إنما نفى ذلك عنه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وجوابه أن هذا الوجه إلخ‏)‏ نازعه المقدسي في شرحه بأن الغد اسم لزمان مستقبل دخلت عليه ‏"‏ إلى ‏"‏ التي للغاية وحكم ما بعدها يخالف سنة؛ لأن السنة ليست في الحقيقة غاية فلا بد أن يقدر إلى مضي سنة وأيضا قوله‏:‏ لا أكلمه إلى غد نفي وقوله‏:‏ إن مت إثبات‏.‏

باب الاستيلاد

‏(‏قوله‏:‏ لأن الإقرار بالحمل إقرار بالولد وكذا لو قال إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ أقول‏:‏ ينبغي أن يقيد هذا بما إذا وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت الاعتراف فإن وضعته لأكثر لا تصير أم ولد، وفي الشرح لو اعترف بالحمل فجاءت به لستة أشهر من وقت الإقرار لزمه للتيقن بوجوده وقت الإقرار ويوافقه ما في المحيط‏:‏ لو أقر أن أمته حبلى منه ثم جاءت بولد لستة أشهر يثبت نسبه منه؛ لأنها صادفت ولدا موجودا في البطن، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه النسب؛ لأنا لم نتيقن بوجوده وقت الدعوى لاحتمال حدوثه بعدها فلا تصح الدعوى بالشك ا هـ‏.‏ وعلى هذا فصيرورتها أم ولد موقوف على ولادتها فلا جرم أناطوا الحكم بها ا هـ‏.‏ أي‏:‏ فلا حاجة إلى إبدال ولدت بحبلت‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلا إخلال إلخ‏)‏ قال في النهر على أنا لا نسلم كون المدار على ثبوت النسب بل على مجرد الدعوى ثبت النسب معها، أو لا لما قالوه من أنه لو ادعى نسب ولد أمته التي زوجها من عبده فإن نسبه إنما يثبت من العبد لا من السيد وصارت أم ولد له لإقراره بثبوت النسب منه، وإن لم يصدقه الشرع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا إذا حرمت عليه بكتابة‏)‏ تشبيه بالمحرمة عليه تأبيدا في أنه يثبت النسب كما يأتي آخر الباب من أنه يثبت ولا يشترط تصديقها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأقول إنه‏:‏ لا يصح إلخ‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن المدعي ما لو أقر أنه كان لا يعزل عنها وحصنها هل يكون ذلك كالدعوة أم لا وما في البدائع لا يصادمه بقليل تأمل ا هـ‏.‏ وهو كلام وجيه

‏(‏قوله‏:‏ فهذا إن صح يستثنى وهو مشكل‏)‏ قال في النهر‏:‏ يمكن أن يكون من وليه كعرض الإسلام عليه بإسلام زوجته إلا أن يفرق بينهما بالنفع والضرر، والموضع موضع تأمل فتدبره ا هـ‏.‏ واعترض بأن ظاهر هذا الجواب لا يصح للفرق الظاهر بين عرض الإسلام والدعوة إذ في الدعوة تحميل النسب على الغير وهو لا يجوز هذا وقد نظم المسألة في الوهبانية فقال وذو عته أو جنة ولدت له ولم يدعه أم ولد تصير قال في المنح‏:‏ وكأنه يعني‏:‏ المؤلف لم يطلع عليه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ بل الظاهر أنه لم يطلع على قول شارحها ابن الشحنة حيث قال‏:‏ مسألة البيت ما في القنية مرقوما فيه لنجم الأئمة البخاري‏:‏ ومتى ولدت الجارية من مولاها صارت أم ولد له في نفس الأمر، وإنما تشترط دعوته للقضاء ولهذا يصح استيلاد المعتوه والمجنون مع عدم الدعوى منهما ا هـ‏.‏ وعامة المصنفين لم يستثنوا هاتين الصورتين من القاعدة المقررة في المذهب أنه لا يثبت النسب في ولد الأمة الأول إلا بالدعوى ا هـ‏.‏ كلام الشحنة‏.‏ وظاهر كلامه كالمؤلف أن المراد صحة استيلاد المجنون والمعتوه قضاء، ويحتمل أن يكون المراد صحته ديانة بأن يكون قول القنية ولهذا إلخ تعليلا لقوله صارت أم ولد له في نفس الأمر فليتأمل لكن لا يخفى أن هذا فرع العلم بالوطء وهذا عسير وهل يكفي لذلك القرائن الظاهرة مثل كونه أعدها للاستفراش أم لا ‏؟‏ وهذا يقع كثيرا فليحرر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأما الحنفي فليس له الحكم به إلخ‏)‏ قال في المنح‏:‏ يمكن أن يراد به الحنفي ويكون من باب قضائه بخلاف رأيه وفيه الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإذا عجز المكاتب كان له أن يبيعها‏)‏ الضمير في له يعود على الشريك؛ لأن المكاتب بعد عجزه لا ينفذ تصرفه ويجوز عوده عليه بتكلف تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والذمي على المرتد‏)‏ تبعه في النهر والشرنبلالية والذي رأيته في غاية البيان والفتح والتبيين أن المرتد يقدم على الذمي تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بين أن يزوج منها‏)‏ الذي في الفتح ‏"‏ بل ‏"‏ بدل ‏"‏ بين ‏"‏ وهو أظهر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أما في أم الولد فعتقها لا يتجزى اتفاقا‏)‏ لم يتعرض لإعتاق المدبر والمكاتب، وتخصيصه بأم الولد يفيد تجزي إعتاق المدبر والمكاتب أما المدبر فيدل عليه ما قدمه في بابه عند قوله ‏"‏ فلا يباع ولا يوهب ‏"‏ من أنه لو كان المدبر بين اثنين أعتقه أحدهما وهو موسر وضمن قيمة نصيب شريكه عتق المدبر ولم يتغير الولاء؛ لأن العتق ههنا ثبت من جهة المدبر في الحقيقة لا من جهة المعتق؛ لأن المعتق بأداء الضمان لا يملك نصيب الشريك ههنا؛ لأن المدبر لا يقبل الانتقال إلخ فعدم تغير الولاء أي بقاؤه بين المدبر والمعتق دليل على أنه لم يعتق كله من جهة المعتق، وإلا كان الولاء له وأما المكاتب فيدل عليه ما في كافي الحاكم من أنه إذا كاتبا عبدهما ثم أعتقه أحدهما جاز والمكاتب بالخيار إن شاء عجز، ويكون الشريك بالخيار بين التضمين وبين السعاية في نصف القيمة والعتق عنده وقال أبو يوسف‏:‏ يضمن نصف قيمته لو موسرا وقال محمد‏:‏ يضمن الأقل من نصف القيمة ونصف ما بقي من المكاتبة، وإن لم يعجز حتى مات عن مال كثير أخذ الذي لم يعتق نصف المكاتبة من ماله، والباقي لورثته فهذا صريح في أن إعتاق المكاتب يتجزى عنده ولذا تخير الشريك بين الاستسعاء والعتق والله أعلم

‏(‏قوله‏:‏ أما إذا اشترياها وهي حامل‏)‏ قال الزيلعي عقب قوله ثبت نسبه منهما‏:‏ معناه إذا حبلت في ملكهما وكذا إذا اشتريا حبلى لا يختلف في حق ثبوت النسب منهما، وإنما يختلف في حق وجوب العقر والولاء وضمان قيمة الولد حتى لا يجب على كل واحد منهما العقر لصاحبه لعدم الوطء في ملكه ويجب عليه نصف قيمة الولد إن كان المدعي واحدا ويثبت لكل واحد منهما فيه الولاء؛ لأنه تحرير على ما عرف في موضعه ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ ويجب عليه نصف قيمة الولد أي وقد اشترياها حبلى بخلاف ما إذا حبلت في ملكهما فادعاه أحدهما فإنه لا يلزمه نصف قيمة الولد، وقوله‏:‏ على ما عرف في موضعه يعني من أن هذه دعوة عتق فيعتق مقتصرا على وقت الدعوة لا دعوة الاستيلاد؛ لأن شرطها العلوق في الملك وهو منتف كذا في الشرنبلالية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهي ليست كأم ولد لواحد إلخ‏)‏ أقول‏:‏ الظاهر أن الضمير راجع لأصل المسألة وهي ما إذا ادعياه معا ولا مرجح حتى ثبت نسبه منهما؛ لأنها تبقى مشتركة بينهما فلا يحل وطؤها لأحدهما بخلاف ما إذا وجد المرجح بأن حملت على ملك أحدهما نكاحا، أو رقبة حتى ثبت من الأرجح وهو الزوج والمالك الأول وتصير أم ولد له فلم تبق مشتركة ويدل لما قلنا أنه في المجتبى قال في تعليل أصل المسألة ولأنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان فيه حتى لو وجد المرجح لا يثبت منهما بأن كان أحدهما أب الآخر، أو كان مسلما والآخر ذميا ثبت من الأب والمسلم لوجود المرجح ولما ثبت نسبه منهما صارت أمه أم ولد لهما ويقع عقرهما قصاصا ولو جاءت بآخر لم يثبت نسبه من واحد إلا بالدعوى لأن الوطء حرام فتعتبر الدعوة ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ ولما ثبت نسبه منهما إلخ صريح في رجوعه لأصل المسألة فتنبه لذلك فإنه مما خفي على كثيرين ولم أر من نبه عليه والله سبحانه أعلم‏.‏

كتاب الأيمان

‏(‏قوله‏:‏ فخرج بقيد ‏"‏ أولى ‏"‏ إلخ‏)‏ عبارة الفتح وترك لفظ ‏"‏ أولى ‏"‏ يصيره غير مانع لدخول نحو زيد قائم زيد قائم وهو على عكسه فإن الأولى هي المؤكدة بالثانية من التوكيد اللفظي قال في النهر وأقول‏:‏ فيه بحث أما أولا فلأن هذا إنما يتم على أن الجملة الثانية المؤكدة إنشائية، وهو ممنوع وأما ثانيا بتقدير التسليم فقد خرج بقوله بعدها فتدبر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو التزام مكروه‏)‏ برفع ‏"‏ التزام ‏"‏ عطفا على ‏"‏ جملة ‏"‏‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وزاد في المحيط ثالثا‏)‏ الأولى أن يقول رابعا وكأنه سماه ثالثا نظرا إلى أن العقل والبلوغ بمعنى التكليف فهما في المعنى شرط واحد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ واليمين بغير الله تعالى مكروهة‏)‏ هذا بعمومه شامل لما فيه حرف القسم وما ليس فيه كالتعليق بالطلاق والعتاق، وظاهر ما سيأتي قريبا من قوله، وفي التبيين‏:‏ لا تكره عند العامة شامل للنوعين لكن في الفتح ما يفيد تخصيصه بالتعليق حيث قال‏:‏ ثم قيل يكره الحلف بالطلاق والعتاق لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم‏:‏ «من كان حالفا فليحلف بالله» الحديث والأكثر على أنه لا يكره لأنه لمنع نفسه، أو غيره ومحمل الحديث غير التعليق مما هو بحرف القسم ا هـ‏.‏ وهو موافق لما سيأتي عن تتمة الفتاوى قال علي الرازي‏:‏ أخاف على من قال بحياتي وحياتك أنه يكفر ثم راجعت عبارة التبيين فوجدتها تفيد ما قلنا ونصها واليمين بغير الله تعالى أيضا مشروع وهو تعليق الجزاء بالشرط وهو ليس بيمين وضعا، وإنما سمي يمينا عند الفقهاء لحصول معنى اليمين بالله تعالى وهو الحمل، أو المنع، واليمين بالله تعالى لا تكره، وتقليله أولى من تكثيره واليمين بغيره مكروهة عند البعض للنهي الوارد فيه وعند عامتهم لا تكره؛ لأنه يحصل بها الوثيقة لا سيما في زماننا وما روي من النهي محمول على الحلف بغير الله تعالى لا على وجه الوثيقة كقولهم‏:‏ وأبيك ولعمري ونحوه انتهت‏.‏ أي فإن قوله وأبيك ولعمري لا يفيد الوثيقة فإنه لا يلزم الحالف به شيء بخلاف التعليق بالطلاق ونحوه فإنه يفيد الوثيقة فإن الحالف إذا حنث يلزمه الطلاق ونحوه فتثق بمن حلف لك به تأمل لكن سيذكر المصنف من جملة ألفاظ اليمين المنعقدة قوله‏:‏ لعمر الله وحينئذ فيلزمه بالحنث الكفارة مثل قوله والله فيفيد الوثيقة إلا أن يفرق بين لعمري ولعمر الله فليتأمل وذكر القهستاني أن قول المصنف لعمر الله للاحتراز عن قولنا لعمر فلان؛ لأنه لا يجوز أن يحلف بغيره تعالى، وإذا حلف ليس له أن يبر بل يجب أن يحنث فإن البر فيه كفر عند بعضهم كما في كفاية الشعبي ا هـ‏.‏ لكن في القاموس وجاء في الحديث النهي عن قول لعمر الله ا هـ‏.‏ وانظر ما في أوائل حاشية المطول لحسن جلبي‏:‏ والحاصل أن اليمين بغير الله تعالى إن كان مما تحصل به الوثيقة يكره عند البعض وعند عامة العلماء لا يكره وذلك كالتعليق بالطلاق والعتاق والحج ونحو ذلك إذ ليس فيه تعظيم غير الله تعالى وأما ما لا تحصل به الوثيقة مثل وأبيك وحياتك فالظاهر من كلامهم أنه لا خلاف في كراهته للنهي الصريح عن الحلف بالآباء ولأنه يوهم مشاركة المقسم به لله تعالى في التعظيم وأما إقسامه سبحانه وتعالى بغيره كالضحى والنجم والليل ونحو ذلك فقالوا‏:‏ إنه مختص به تعالى إذ له أن يعظم ما شاء وليس لنا ذلك بعد نهينا عنه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن اليمين على الفعل الماضي صادقا‏)‏ مثل له في النهر بقوله‏:‏ والله إني لقائم الآن - في حال قيامه - ولا يخفى أنه نص في الحال والصواب قول الفتح كوالله لقد قدم زيد أمس‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فكان لها حكم‏)‏ قال في النهر‏:‏ وفيه نظر ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء الحق ما في البحر ولا وجه للنظر ا هـ‏.‏ وأجاب في الفتح عن الحصر بأن المراد أن الأقسام الثلاثة فيما يتصور فيه الحنث لا في مطلق اليمين

‏(‏قوله‏:‏ خطأ، أو غلطا‏)‏ الخطأ في الجنان، والغلط في اللسان فإذا ظن أن الأمر كذا وحلف عليه ثم ظهر أنه بخلافه فهو الخطأ وإذا أراد أن يقول‏:‏ والله إنه قائم فسبق لسانه وقال ليس بقائم فهو غلط تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وما ذكر محمد إلخ‏)‏ قال في المجتبى بعدما نقل قول الشافعي المار وقال محمد‏:‏ يمين اللغو ما يجري بين الناس من قولهم‏:‏ لا والله وبلى والله وهو يقرر ما قاله الشافعي ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وعندنا ذلك لغو إلخ‏)‏ إنما نسبه لأنه قول الإمام محمد وليس مراده أنه قول أئمتنا لما علمت من أن قول أبي حنيفة في اللغو هو ما عزاه إلى أصحابنا‏.‏ والحاصل أن قول أبي حنيفة الذي قاله أصحابنا إن اليمين اللغو هي ما يكون على الماضي، أو الحال على ظن أن المخبر به كما قال وهو بخلافه وأن قول محمد هي ما يجري بين الناس من قولهم‏:‏ لا والله وبلى والله كما قال الشافعي‏.‏ إلا أن الشافعي يقول إنها تكون على الاستقبال أيضا ومحمد لا يقول بذلك في الاستقبال فصار حاصل الخلاف بيننا وبين الشافعي بناء على قول محمد في يمين لا يقصدها الحالف في المستقبل فعند الشافعي هي لغو وعندنا أي عند محمد هي منعقدة ولها الكفارة هذا ما ظهر لي في تقرير كلام البدائع على وجه يندفع عنه التناقض

‏(‏قوله‏:‏ وهو أعم مما في المختصر‏)‏ كان حق التعبير أن يقول وهو مباين لما في المختصر؛ لأن ما في المختصر مشروط فيه القصد وما في البدائع عدم القصد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ موجب لوقوع الطلاق‏)‏ ظاهره الوقوع قضاء وديانة

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي أن يكون كبيرة إلخ‏)‏ اعترضه في النهر بأن هذا التفصيل مناف لإطلاق الحديث المروي، وقول شمس الأئمة إن إطلاق اليمين عليها مجاز؛ لأنها عقد مشروع وهذه كبيرة محضة صريح فيه، ومعلوم أن إثم الكبائر متفاوت ا هـ‏.‏ وفيه نظر؛ لأن المؤلف معترف بإطلاق الحديث ولذا استدرك به على الفتح ومراده البحث في تقييده حيث لم يترتب مفسدة تستدعي كونها كبيرة، وكون كلام شمس الأئمة صريحا فيما قاله في النهر غير ظاهر بل هو كالحديث تأمل‏.‏ نعم بحث المؤلف محل تأمل، وفي شرح المقدسي أي مفسدة أعظم من هتك حرمة اسم الله تعالى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالأوجه ما قيل إلخ‏)‏ قال في النهر وأقول‏:‏ اختلف المتأخرون في المؤاخذة المنفية فقيل‏:‏ هي المعاقبة في الآخرة وقيل هي المؤاخذة بالكفارة، كذا في الكشاف وغيره، والثاني أظهر بدليل ما بعده ولا شك أن تفسير اللغو على رأينا ليس أمرا مقطوعا به؛ إذ الشافعي قائل بأن هذا من المنعقدة فلا جرم علقه بالرجاء وهذا معنى دقيق ولم أر من عرج عليه ا هـ‏.‏ ونظر بعضهم فيه بأن خلاف الشافعي بعد محمد فكيف يقال‏:‏ إن محمدا علقه بالرجاء باعتباره وحينئذ فلا محيص عما قاله المحقق ابن الهمام ا هـ‏.‏ فالأنسب أن يقول في النهر كما قال بعض الفضلاء فحيث كان المنفي المؤاخذة بالكفارة كان اللغو بالنظر إلى حكم الآخرة مسكوتا عنه في الآية فلا نص عليه فلذا علقه بالرجاء وقد يقال أيضا‏:‏ إن اجتهاد الإمام محمد بأن اللغو هو كذا ليس قطعيا نافيا لاجتهاد غيره بخلافه فحيث كان ما قاله محمد مبنيا على ظنه أنه هو اللغو لم يجزم بحكمه لاحتمال أن اللغو هو غيره تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ناقض نفسه بأن قال إلخ‏)‏ أجاب في النهر بأن المدعى أن في المنعقدة إثما وتخلفه فيما ذكر لعارض فلا يرد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والناسي بالتفسير المذكور‏)‏ المراد به التفسير الآتي في قوله، وفي فتح القدير‏:‏ والناسي هو من تلفظ باليمين ذاهلا إلخ فكان المناسب تقديمه

‏(‏قوله‏:‏ وهو مردود إلخ‏)‏ قال في النهر فيه نظر إذ فعل المحلوف عليه ناسيا لا ينافي كونه يمينا بدليل أنه يكفر مرتين مرة باعتبار أنه فعل المحلوف عليه وأخرى باعتبار حنثه في اليمين ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء‏:‏ أقول‏:‏ الحق ما في البحر فإن فعل المحلوف عليه ناسيا، وإن لم ينافي كونه يمينا لكن تعلق النسيان به من جهة كونه حنثا لا من جهة كونه يمينا إذ هو من هذه الجهة لم يتعلق به النسيان كما لا يخفى على منصف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبذلك اندفع ما في فتح القدير إلخ‏)‏ قال المقدسي في شرحه‏:‏ أقول‏:‏ أولا الموجود في الولوالجية الطالب الغالب بغير واو ويدل على أن ذلك هو الصحيح قوله يمين ولو كان بواو لكان يمينين، وثانيا المحقق أراد إثبات كون اللفظ المذكور من أسمائه تعالى فلم يجد له دليلا سوى الآية الدالة على كون ‏"‏ غالب ‏"‏ صفة فجمعه مع الطالب جوز كونه يمينا كما أن الأول الذي ليس قبله شيء صار بالوصف مختصا به تعالى فساغ الحلف به فهذا يدل على أن ذكرهم التعارف به هو الذي سوغ كونه يمينا، أو أيده فكيف يندفع كلام الكمال بما فيه احتمال ولا تصريح بما يخالفه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما في مختارات النوازل حيث قال‏:‏ وقوله‏:‏ الطالب الغالب لا أفعل كذا فهو يمين لتعارف أهل بغداد ا هـ‏.‏ فهذا لا يحتمل التأويل الذي ذكره المؤلف أصلا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولم يقيد المصنف الحلف بالصفات بالعرف‏)‏ قال في النهر‏:‏ أقول‏:‏ ممنوع فقد أشار إلى ذلك بقوله لا بعلمه إلخ

‏(‏قوله‏:‏ وبه اندفع ما في فتح القدير‏)‏ أقول‏:‏ فيه نظر فإن المتبادر مما في المجتبى اختلاف الرواية وذلك أنه قال ما نصه ط‏:‏ ولو قال‏:‏ علي يمين، أو يمين الله فيمين، ثم قال أي صاحب الرمز المذكور‏:‏ علي يمين يريد به الإيجاب لا كفارة عليه إذا لم يعلقه بشيء وكذا إذا قال لله علي يمين هكذا روي عن أبي يوسف وعن أبي حنيفة علي يمين لا كفارة لها يريد الإيجاب فعليه يمين لها كفارة ا هـ‏.‏ ما في المجتبى وذكر في الحاوي ما نصه طم‏:‏ علي نذر أو علي يمين ولم يعلقه فعليه كفارة يمين فهذا صريح ما قاله في الفتح‏:‏ وإذا كان ‏"‏ علي يمين ‏"‏ من صيغ النذر كما قال في الفتح لم يظهر فرق بين ‏"‏ علي نذر ‏"‏ و ‏"‏ علي يمين ‏"‏ فلذا قال في الفتح‏:‏ الحق أنه مثله فهذا تأييد للرواية المروية عن أبي حنيفة فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا قصد غير اليمين فيدين‏)‏ رأيت في هامش بعض النسخ أقول‏:‏ حق العبارة لا يكون يمينا كما في النهر لما قاله شيخنا‏:‏ إن الأيمان لا تدخل تحت القضاء حتى يكون للديانة فيها مدخل، تأمل‏.‏ وبدليل ما سيأتي تحت قوله‏:‏ ولو زاد ثوبا إلخ حيث قال‏:‏ اعلم أن الفرق بين الديانة والقضاء إنما يظهر في الطلاق والعتاق وأما في الحلف بالله تعالى فلا يظهر؛ لأن الكفارة حق الله تعالى ليس للعبد فيها حق حتى يرفع الحالف إلى القاضي ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ قد يقال‏:‏ إنه يمكن أن يترتب عليها حق عبد كما لو علق طلاقا، أو عتاقا على حلفه ثم حلف بذلك وقال‏:‏ قصدت غير اليمين فلا يصدق قضاء بل يدين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فتعين أن يكون ما في الولوالجية كذلك والحذف من الكاتب‏)‏ أقول‏:‏ الذي وجدته في نسخة الولوالجية التي عندي مثل ما نقله عنها والظاهر أن النسخ هكذا ويكون ذلك مشيا على القول الآخر قال في التتارخانية، وفي فتاوى سمرقند‏:‏ إذا قال إن فعلت كذا فأنا بريء من الله ورسوله، والله ورسوله بريئان منه ففعل فعليه أربع كفارات؛ لأنها أربع أيمان قيل ما ذكر في فتاوى أهل سمرقند ليس بصحيح وإنما الصحيح ما ذكر في فتاوى أبي الليث أنه لا بد أن يقول‏:‏ وبريء من رسوله حتى تتعدد اليمين

‏(‏قوله‏:‏ وصحح في المجتبى والذخيرة أنهما يمينان‏)‏ عبارة المجتبى ولو قال‏:‏ أنا بريء من الله فيمين وكذا بريء من الله ورسوله وبريء من الله وبريء من رسوله - فيمينان ثم رمزان - فعلت كذا فأنا بريء من الله ورسوله، والله ورسوله بريئان منه فأربعة أيمان قيل‏:‏ والأصح هو الأول ا هـ‏.‏ والمراد بالأول هو كون ‏"‏ بريء من الله ورسوله ‏"‏ يمينا واحدا وعبارة الذخيرة قريبة من عبارة التتارخانية التي نقلناها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأمانته‏)‏ مخالف لما قدمه قريبا عن الأصل من أنه يكون يمينا خلافا للطحاوي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وذكر في الاختيار إلخ‏)‏ قال في النهر رده في فتح القدير بأن التعارف بعد كون الصفة مشتركة في الاستعمال بين صفة الله تعالى وصفة غيره، ولفظ حق لا يتبادر منه ما هو صفة الله بل ما هو من حقوقه

‏(‏قوله‏:‏ وحقا أو حقا‏)‏ قال الرملي يعني بالواو وبلا واو

‏(‏قوله‏:‏ ومضافا إن كان بالباء فيمين اتفاقا‏)‏ ضعفه في الفتح حيث قال ومن الأقوال الضعيفة ما قال البلخي إن قوله بحق الله يمين؛ لأن الناس يحلفون به وضعفه لما علمت أنه مثل وحق الله بالإضافة وعلمت المغايرة فيه وأنه ليس يمينا فكذا بحق الله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ففيه الاختلاف السابق‏)‏ أي المذكور أولا عقب عبارة المتن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولأنه غير متعارف‏)‏ قال في النهر‏:‏ ظاهر كلامهم أنه لو تعودوا الحلف به كان يمينا، وظاهر ما في الفتح أنه لو تعورف الحلف به لا يكون يمينا حيث قال‏:‏ إن معنى اليمين أن يعلق إلى آخر ما يأتي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تحتمل النسخ والتبديل‏)‏ أي تحتمل السقوط أما الخمر فظاهر وأما السرقة فعند الاضطرار إلى أكل مال الغير وكذا إذا أكرهت المرأة بالسيف على الزنا وأما الزنا ففي دار الحرب كذا في النهر وأصله من الفتح وقول التبيين ‏"‏ لأنه يحتمل التبديل عقلا فلا يكون كالكفر في الحرمة ‏"‏ يفيد عدم التقييد بتلك الحالات كما هو ظاهر الهداية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن معنى اليمين أن يعلق ما يوجب إلخ‏)‏ أي أن يعلق شيئا كالكفر يوجب ذلك الشيء امتناع الحالف عن الفعل المحلوف عليه كالدخول مثلا وقوله‏:‏ بسبب متعلق ب يوجب أي أن ذلك الشيء المعلق يوجب امتناع الحالف عن الفعل بسبب أن ذلك المعلق يلزم وجوده عند الفعل فإذا قال‏:‏ إن دخلت فهو كافر فإن الكفر يوجب امتناع الحالف عن الدخول بسبب لزوم وجود الكفر عند الدخول

‏(‏قوله‏:‏ فأفاد أن ما يباح للضرورة لا يكفر مستحله‏)‏ قال بعض الفضلاء إن أراد بقوله ‏"‏ لا يكفر مستحله ‏"‏ أنه لا يكفر من اعتقد أنه حلال في حالة الضرورة فقط فهو صحيح لكنه لا جدوى له لعدم الشك في حله حينئذ، وإن أراد أنه لا يكفر مستحله مطلقا سواء اعتقد أنه حلال في حالة الاضطرار والاختيار فهو وهم باطل أوقعه فيه توهمه أن قول الولوالجية لا محالة قيد في النفي وهو لا يكون وليس كذلك بل قيد في المنفي وهو يكون قال في المحيط ولو قال هو يأكل الميتة إن فعل كذا لا يكون يمينا وكان يجب أن يكون يمينا؛ لأن استحلال الحرام كفر فقد علق الكفر بالشرط وتعليق الكفر بالشرط يمين كما لو قال‏:‏ هو يهودي إن دخل الدار قلنا استحلال هذه الأشياء ليس بكفر لا محالة فإن في حالة الضرورة تصير هذه الأشياء حلالا ولا يكون كفرا وإذا احتمل أن يكون استحلال هذه كفرا كما في غير حالة الضرورة فيكون يمينا واحتمل أن لا يكون كفرا كما في حالة الضرورة فلا يكون يمينا لا يصير يمينا بالشك بخلاف قوله هو يهودي إن فعل كذا؛ لأن اليهودي من أنكر رسالة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وإنكار رسالة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كفر على كل حال فالحاصل أن كل شيء هو حرام حرمة مؤبدة بحيث لا تسقط بحال من الأحوال كالكفر وأشباهه فاستحلاله معلقا بالشرط يكون يمينا وكل شيء هو حرام بحيث تسقط حرمته بحال كالميتة والخمر وأشباهه فاستحلاله معلقا بالشرط لا يكون يمينا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا تقول أحلف بالله كما تقول أحلف والله‏)‏ كذا في بعض النسخ وهي مقلوبة، وفي بعضها لا تقول أحلف والله كما تقول أحلف بالله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن الإضمار يبقى أثره إلخ‏)‏ قال في النهر هذا بمعزل عن التحقيق؛ لأنه كما يكون حالفا مع بقاء الأثر يكون أيضا حالفا مع النصب بل هو الكثير في الاستعمال وذاك شاذ، والتزام ذلك الاصطلاح للفقهاء غير لازم ا هـ‏.‏ قال محشي مسكين‏:‏ أقول‏:‏ فيه نظر من وجهين أما أولا فما ذكره في الرد على البحر من التعليل بأنه يكون حالفا مع الحذف أيضا يقتضي أن صاحب البحر لا يقول به وليس كذلك، وأما ثانيا فلما نقله السيد الحموي عن المغني من أن حذف الجار وبقاء عمله شاذ في غير القسم أما في القسم فمطرد ا هـ‏.‏ ولا يخفى عليك سقوط الوجه الأول فإن إبداء وجه العدول عن الحذف إلى الإضمار ببقاء أثره يوهم أنه مع النصب لا يكون حالفا إلا أن يقال‏:‏ إن المراد أنه في حالة الجر يبقى الأثر فيكون كحالة بقاء الحرف، والتعبير بالحذف لا يفيد ذلك؛ لأنه يكون منصوبا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي أنه إذا نصب‏)‏ أي نصب قوله‏:‏ الله لا أفعل

‏(‏قوله‏:‏ وهو اللام والنون‏)‏ قال الرملي‏:‏ أي لا بد منهما عند البصريين وقال الكوفيون والفارسي‏:‏ يجوز الاقتصار على أحدهما ذكره الأسنائي في الكوكب الدري

‏(‏قوله‏:‏ حتى لو قال‏:‏ والله أفعل كذا اليوم فلم يفعل لا تلزمه الكفارة إلخ‏)‏ قال الرملي بعد نقله نحوه عن الاختيار‏:‏ قال شيخ شيخنا الشيخ علي المقدسي في شرح الكنز المنظوم‏:‏ أقول‏:‏ على هذا أكثر ما يقع من العوام لا يكون يمينا لعدم اللام والنون فلا كفارة عليهم فيها لكن ينبغي أن تلزمهم لتعارفهم الحلف بذلك ويؤيده ما نقلناه عن الظهيرية أنه لو سكن الهاء أو رفع، أو نصب في بالله يكون يمينا مع أن العرب ما نطقت بغير الجر فليتأمل‏.‏ وينبغي أن يكون يمينا، وإن خلا من اللام والنون ويدل عليه قوله‏:‏ في الولوالجية‏:‏ سبحان الله أفعل لا إله إلا الله أفعل كذا ليس بيمين إلا أن ينويه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قوله ‏"‏ على هذا ما يقع من العوام لا يكون يمينا ‏"‏ ظاهر كلامهم جميعا أنه يمين لكن على النفي لا على الإثبات لأنهم قالوا فيكون معنى قوله‏:‏ والله أفعل أي لا أفعل هذا ولا دلالة فيما نقله عن الظهيرية والولوالجية لمدعاه أما الأول فلأنه تغيير إعرابي لا يمنع المعنى الموضوع فلا يضر تسكين الهاء ولا رفعها ولا نصبها وقد تقرر أن اللحن لا يمنع الانعقاد وأما الثاني فلأنه ليس المتنازع فيه إذ المتنازع الإثبات، والنفي، لا أنه يمين فكلا النقلين لا يدل على المدعى فتأمل كلامه فإنه ظاهر النقل والله تعالى أعلم والنقل يجب اتباعه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ مراد المقدسي بقوله لا يكون يمينا أي على الإثبات كما هو مراد الحالف ومعنى قوله فلا كفارة عليهم فيها أي على تقدير ترك ذلك الشيء وما اعترضه الرملي فيه نظر‏:‏ أما الأول فلأن ما نحن فيه من جملة اللحن فقد فسره في القاموس بالخطأ وأما الثاني فلأن مراده بالاستشهاد بما في الولوالجية من جهة أنه جعله يمينا مع النية مع أنه مثبت، وحرف التوكيد مفقود فيه هذا وقال بعض الفضلاء‏:‏ ما بحثه المقدسي وجيه وقول بعض الناس إنه يصادم المنقول يجاب عنه بأن المنقول في المذهب كان على عرف صدر الإسلام قبل أن تتغير اللغة وأما الآن فلا يأتون باللام والنون في مثبت القسم أصلا ويفرقون بين الإثبات والنفي بوجود لا وعدمها، وما اصطلاحهم على هذا إلا كاصطلاح لغة الفرس ونحوها في الأيمان لمن تدبر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال في فتح القدير إلخ‏)‏ يوهم أن مراد صاحب الفتح أنه لا يشترط للمرأة الخمار مع الثوب وليس كذلك، وإنما مراده أن التعليل المذكور لا يصح على ظاهر الرواية وأنه يكفي في الخمار أن يستر الرأس، وإن لم تصح به الصلاة يدل عليه باقي عبارة الفتح حيث قال والمرأة إذا كانت لابسة قميصا سابلا، أو إزارا، أو خمارا غطى رأسها وأذنيها دون عنقها لا شك في ثبوت اسم أنها مكتسية لا عريانة ومع هذا لا تصح صلاتها فالعبرة بثبوت ذلك الاسم صحت الصلاة، أو لا ا هـ‏.‏

‏(‏قول المصنف‏:‏ وإن عجز عن أحدها إلخ‏)‏ قال الرملي يعني التحرير والإطعام والكسوة جميعا لا عن بعضها فإنه إذا كان قادرا على واحد من الثلاث لا يصوم فعلى هذا يكون أحد دائرا كما أشار إليه بقوله ‏"‏ الإعتاق والإطعام والكسوة ‏"‏ فبطل اعتراض من اعترض عليه والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا بد أن تكون اليمين مؤقتة بوقت إلخ‏)‏ هذا خاص بالثاني أعني الإثبات أما النفي مثل لا يصلي فيتصور الحنث قبل موته بأن يصلي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وعبر المصنف بمن إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ أنت خبير بأن في شمول كلامه لذلك نظرا بينا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الاستحسان يحنث‏)‏ قال في النهر وعلى هذا فيجب أن يحنث في قوله‏:‏ إن أكلت طعاما بأكله ا هـ‏.‏ ومثله في الفتح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تقتضي أن الأمر موقوف على النية إلخ‏)‏ الضمير في ‏"‏ تقتضي ‏"‏ راجع إلى عبارة الحاكم وفي كونها تقتضي ذلك نظر فإن قوله‏:‏ وإن لم تكن له نية فهو يمين يكفرها إلخ معناه أنه يمين على الطعام والشراب كما أفاده ما قبله من قوله فإن نوى يمينا إلخ فصار حاصله أنه إن نوى اليمين، أو لم ينو شيئا فهو يمين يكفرها ولا تدخل امرأته إلا أن ينويها فإن أكل، أو شرب حنث، وإن كان نوى المرأة وقربها سقط الإيلاء؛ لأنه حنث وهذا كله مستفاد من عبارة الهداية أيضا، نعم في عبارة الحاكم زيادة وهي لو نوى به الطلاق، أو نوى به الكذب فهو كما نوى وليس في الهداية ما ينافي ذلك فلا مخالفة بين العبارتين إلا في زيادة حكم لم تصرح به عبارة الهداية كما لا يخفى على المتأمل

‏(‏قوله‏:‏ يعني إذا أكل، أو شرب إلخ‏)‏ مخالف لما سيأتي عن الظهيرية من أنه لو لم تكن له امرأة، ثم تزوج امرأة ثم باشر الشرط‏:‏ الفتوى على أنه لا تبين؛ لأن يمينه جعل يمينا بالله تعالى إلخ ولكن ينبغي تقييد هذا بما إذا حلف على أمر في المستقبل، وإلا فلا يلزمه شيء كما يأتي في عبارة الظهيرية أيضا وفي البزازية‏:‏ قال‏:‏ وفي المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا تلزمه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر حمل كلام النسفي على ما إذا لم يكن حلفه على مستقبل فلا ينافي ما قبله والحاصل أنه إذا قال‏:‏ كل حل علي حرام وسكت، أو قال إن كنت فعلت كذا لأمر فعله لا يلزمه شيء إذا لم تكن له امرأة‏.‏ وإن قال إن فعلت كذا في المستقبل لزمه كفارة بالحنث هذا كله بناء على تغير العرف من انصرافه إلى الطلاق بعدما كان العرف قبله في انصرافه إلى الطعام والشراب فما ذكره المؤلف في تأويل عبارة النهاية مخالف لكلامهم والله سبحانه وتعالى أعلم

‏(‏قوله‏:‏ وقال البزدوي في مبسوطه إلخ‏)‏ قال الرملي في حاشيته على المنح أقول‏:‏ ما بحثه جيد موافق لكلام المتقدمين ويحمل كلام صاحب الهداية وغيره على ما إذا لم يكن الاستعمال مشتركا فيه، وفي غيره أما إذا كان مشتركا تعين موافقة المتقدمين وأقول‏:‏ أكثر عوام بلادنا لا يقصدون بقولهم‏:‏ أنت محرمة علي، أو حرام علي أو حرمتك علي إلا حرمة الوطء المقابلة لحله ولذلك أكثرهم يضرب مدة لتحريمها ولا يريد قطعا إلا تحريم الجماع إلى هذه المدة ولا شك أنه يمين موجب للإيلاء تأمل؛ فقل من حقق هذه المسألة على وجهها وانظر إلى قولهم لا نقول لا تشترط النية لكن يجعل ناويا عرفا فهو صريح في اعتبار العرف فإن لم يكن العرف كذلك بل كان مشتركا تعين اعتبار النية وتصديق الحالف كما هو مذهب المتقدمين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن كن ثلاثا، أو أربعا يقع على كل واحدة واحدة بائنة‏)‏ قال في النهر بعده‏:‏ لكن في الدراية لو كان له امرأتان وقع الطلاق على واحدة وإليه البيان في الأظهر كقوله امرأتي كذا وله امرأتان، أو أكثر ا هـ‏.‏ قال محشي مسكين‏:‏ ظاهر قوله‏:‏ أو أكثر أن وقوع الطلاق على واحدة، وإليه البيان لا يخص الثنتين بل كذلك لو كن ثلاثا أو أربعا فهو قول مقابل لما في الظهيرية‏:‏ وحيث كان وقوع الطلاق على واحدة، وإليه البيان هو الأظهر مطلقا سواء كان له امرأتان، أو أكثر فما في الظهيرية من وقوعه على الكل خلاف الأظهر، وإن كان في البحر لم يحك خلافه ولم يذكر ما نقله في النهر عن الدراية ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لم يذكره اعتمادا على ما قدمه آخر باب الإيلاء وقدم هناك عن الفتح أن الأشبه ما هنا لأن قوله‏:‏ حلال الله، أو حلال المسلمين يعم كل زوجة على سبيل الاستغراق

‏(‏قوله‏:‏ فقد قدم في باب الإيلاء أنه ينصرف للزوجة فتطلق من غير نية‏)‏ كان عليه حذف قوله فتطلق من غير نية؛ لأنه مساو في ذلك لقوله كل حل علي حرام على أن المذكور في المتن في باب الإيلاء هكذا أنت علي حرام إيلاء إن نوى التحريم أو لم ينو شيئا وظهار إن نواه وكذب إن نوى الكذب وبائنة إن نوى الطلاق وثلاث إن نوى، وفي الفتوى إذا قال لامرأته‏:‏ أنت علي حرام والحرام عنده طلاق ولكن لم ينو طلاقا وقع الطلاق ا هـ‏.‏ وحاصله أن قوله أنت علي حرام يخص المرأة ولا يدخل فيه الطعام والشراب بخلاف العام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فعليه الوفاء بما سمى‏)‏ قال الرملي هذا صريح في تعينه وعدم جواز البدل هذا مع تصريحهم بعدم تعين الدرهم ولا شك أن الدينار كذلك وكذلك الفلوس النافقة لعدم التفاوت وسيأتي قريبا أنه يلزمه الوفاء بالأصل لا بكل وصف تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي رواية النوادر وهو مخير فيهما‏)‏ ظاهر سياق كلام المؤلف أن ضمير فيهما عائد على المنذور المنجز والمعلق مطلقا وبذلك يظهر قوله‏:‏ إن هذا التفصيل أي الذي صححه في الهداية لا أصل له في الرواية ويحتمل أن يعود الضمير على قسمي المعلق أعني المعلق بشرط يريد كونه، أو لا يريد كما حمله عليه في النهر وعلى كل فهو مخالف لما في الفتح فإنه بعدما ذكر القول الأول والقول الثاني الذي صححه في الهداية قال‏:‏ والأول وهو لزوم الوفاء به عينا هو المذكور في ظاهر الرواية والتخيير عن أبي حنيفة في النوادر وكذا ذكر في العناية فإنه بعدما ذكر رجوع أبي حنيفة إلى التخيير فيما لا يريد كونه وأنه قول محمد قال وهذا مروي عن أبي حنيفة في النوادر، وفي النهر بعد سوقه كلام الخلاصة قال في البحر‏:‏ فتحصل أن الفتوى على التخيير مطلقا وأقول‏:‏ وضع المسألة في الخلاصة في التعليق بالشرط الذي لا يراد كونه فالإطلاق ممنوع أعني سواء أريد كونه أو لا والله تعالى الموفق‏.‏ ا هـ‏.‏ كلام النهر وبه ظهر أن قوله إن هذا التفصيل ليس له أصل في الرواية غير مسلم‏.‏ وقوله‏:‏ ولذا اعترض في العناية على تصحيح الهداية أي حيث قال وفيه نظر؛ لأنه إن أراد حصر الصحة فيه من حيث الرواية فليس بصحيح؛ لأنه غير ظاهر الرواية، وإن أراد من حيث الدراية لدفع التعارض فالدفع ممكن من حيث حمل أحدهما على المرسل والآخر على المعلق من غير تفرقة بين ما يريد كونه وما لا يريد كونه وأجاب الشرنبلالي منتصرا لما في الهداية بأن حصر الصحة من حيث رجوع الإمام إليه؛ لأنه رجع إليه قبل موته بسبعة أيام فصار هو الصحيح لأن المرجوع عنه لا يقاوم المرجوع إليه في الصحة؛ لأن الذي استقر أمر المجتهد ورأيه عليه صار هو المذهب للإمام فيصير المسطر عنه في ظاهر الرواية كالمنسوخ بما بعده ولا يكون ما أراده الأكمل إلا إذا تقابل ظاهر الرواية والنوادر وتعارضا من غير رجوع عن إحدى الروايتين أما معه كما بينا فلا ولهذا أفتى بما في النوادر إسماعيل الزاهد ومشايخ بلخ وبعض مشايخ بخارى‏.‏ واختاره شمس الأئمة والقاضي المروزي وقال في البزازية‏:‏ وعليه الفتوى وقال في الفيض والمفتى به ما رويناه عن أبي حنيفة من رجوعه وكذا اختاره الصدر الشهيد، وفي الخلاصة واختاره السرخسي والصدر الشهيد وبه يفتى وقد جعله متنا في مجمع البحرين وصححه وكذا صححه الزيلعي وتمامه في رسالته المسماة بتحفة التحرير وبين فيها أيضا أن ما رجع إليه الإمام هو التخيير في صورة التعليق بما لا يراد كونه وأن قول الهداية وهذا إذا كان شرطا لا يريد كونه وكذا قول ابن الهمام واختار المصنف والمحققون أن المراد بالشرط الشرط الذي لا يريد كونه ليس معناه أن ما رجع إليه الإمام شامل لذلك وللشرط الذي يريد كونه وأنه في الهداية اختار تخصيصه بما لا يريد كونه لأن كلام الإمام خاص بالثاني كما اقتضاه التمثيل بقوله إن فعلت كذا فعلي حجة أو صوم سنة إلخ لكن لما كان ظاهر قول حاكي الرجوع شمول المنذور بقوله أخبرني الوليد بن أبان أن الإمام رجع قبل موته بسبعة أيام وقال يتخير‏.‏ بين صاحب الهداية ومن وافقه حكم النوع الذي رجع عنه الإمام لئلا يفهم أحد شمول الرجوع فيجري التخيير عموما في كل منذور ا هـ‏.‏ وبه ظهر أنه ليس في المسألة سوى القولين ظاهر الرواية والقول بالتفصيل في المعلق

‏(‏قوله‏:‏ لما قدمناه‏)‏ قال الرملي‏:‏ قدمه في كتاب الصلاة في شرح قوله ولزم النفل بالشروع

‏(‏قوله‏:‏ وأن يكون ذلك الواجب عبادة مقصودة‏)‏ ظاهره بل صريحه أن المشروط كونه عبادة مقصودة هو الواجب الذي من جنس المنذور لا المنذور نفسه وهو مخالف لما في الفتح حيث قال مما هو طاعة مقصودة لنفسها ومن جنسها واجب ا هـ‏.‏ وهذا هو الذي ذكره المؤلف في باب الوتر والنوافل وقال‏:‏ فيحرم عليه الوفاء بنذر معصية ولا يلزمه بنذر مباح من أكل وشرب ولبس وجماع وطلاق ولا بنذر ما ليس بعبادة مقصودة كنذر الوضوء لكل صلاة، ثم قال قال في البدائع‏:‏ ومن شروطه أن يكون قربة مقصودة فلا يصح النذر بعيادة المريض وتشييع الجنازة والوضوء والاغتسال ودخول المسجد ومس المصحف والأذان وبناء الرباطات والمساجد وغير ذلك، وإن كانت قربا؛ لأنها غير مقصودة ا هـ‏.‏ فهذا صريح في أن الشرط كون المنذور نفسه عبادة مقصودة لا ما كان من جنسه ويدل عليه أنهم صححوا النذر بالوقف؛ لأن من جنسه واجبا وهو وقف مسجد للمسلمين وقد علمت أن بناء المسجد غير مقصود

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف قوله لأهدين‏)‏ قال في النهر‏:‏ والفرق بين التأكيد وعدمه مما لا أثر له يظهر في صحة النذر وعدمه ثم على الصحة هل تلزمه قيمتها أو بتوقف الحال إلى ملكها ‏؟‏ محل تردد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا يلزمه شيء‏)‏ أقول‏:‏ في البزازية‏:‏ إن عوفيت صمت كذا لم يجب ما لم يقل لله علي، وفي الاستحسان يجب وإن لم يكن تعليقا لا يجب قياسا واستحسانا كما إذا قال‏:‏ أنا أحج فلا شيء عليه ولو قال‏:‏ إن فعلت كذا فأنا أحج ففعل يجب عليه الحج إن سلم ولدي أصوم ما عشت فهذا وعد ا هـ‏.‏ فيحتمل أن يكون ما هنا مبنيا على القياس أو على أنه وعد لعدم الفاء الرابطة في قوله علي شاة أذبحها تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو يدل على أن مرادهم بالواجب الفرض إلخ‏)‏ تبعه في ذلك تلميذه في المنح وقواه بنص الدرر على الافتراض وقال بعض المتأخرين‏:‏ أقول‏:‏ إن ما في مجموع النوازل لا يعين اشتراط الافتراض بل إنما لم يلزمه؛ لأن ما صدر منه بهذه الصيغة ليس نذرا حتى لو تلفظ بصيغة النذر في الذبح لزمه إن كان من جنسه واجب لا فرض ويدل عليه ما في الهندية عن فتاوى قاضي خان‏:‏ رجل قال إن برئت من مرضي هذا ذبحت شاة فبرئ لا يلزمه شيء إلا أن يقول إن برئت فلله علي أن أذبح شاة ا هـ‏.‏ فأفاد أنه إذا صرح بنذر الذبح لزمه وهذا يدل على أن المراد بالوجوب حقيقته المصطلح عليها عندهم وأما قول صاحب الدرر المنذور إذا كان له أصل في الفروض لزم الناذر فيراد به ما يعم الواجب بأن يراد بالفرض في كلامه اللازم وبه يندفع التنافي الواقع في عباراتهم ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما في آخر أضحية الدر المختار حيث قال ما نصه نذر عشر أضحيات لزمه ثنتان لمجيء الأمر بهما، خانية‏:‏ والأصح وجوب الكل لإيجابه ما لله من جنسه إيجاب شرح وهبانية‏:‏ قلت‏:‏ ومفاده لزوم النذر بما من جنسه واجب اعتقادي، أو اصطلاحي قاله المصنف فليحفظ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو أن أضحي‏)‏ أقول‏:‏ الظاهر أن المراد إذا نوى الأضحية الواجبة عليه وكان في أيام النحر لما في أضحية البدائع لو نذر أن يضحي شاة وذلك في أيام النحر وهو موسر فعليه أن يضحي بشاتين عندنا شاة للنذر وشاة بإيجاب الشرع ابتداء إلا إذا عنى به الإخبار عن الواجب عليه فلا يلزمه إلا واحدة ولو قبل أيام النحر لزمه شاتان بلا خلاف؛ لأن الصيغة لا تحتمل الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏